تُعد القيادة تحت تأثير الكحول من أبرز المسبّبات للحوادث المرورية القاتلة حول العالم، وهي مشكلة مزمنة تتفاوت حدّتها بين الدول بحسب التشريعات، مدى صرامة تطبيق القانون، والثقافة المجتمعية المرتبطة بشرب الكحول. الإحصائيات تكشف عن تفاوت لافت في نسب الوفيات الناتجة عن حوادث السير المرتبطة بالكحول، ما يؤكد أن المواجهة تتطلب حلولاً مختلفة بحسب السياق المحلي لكل دولة.
جنوب أفريقيا: النسبة الأعلى عالميًا
تتصدر جنوب أفريقيا قائمة الدول ذات النسب الأعلى في الوفيات المرورية المرتبطة بالكحول. في عام 2015، كانت 58% من وفيات الطرق هناك ناتجة عن القيادة تحت تأثير الكحول، وفقًا لتقرير نشرته فوربس. هذه النسبة تعكس تحديًا خطيرًا في بلد يعاني من ضعف البنية المرورية وغياب الردع الكافي.
أيرلندا وكندا: أرقام مقلقة في دول ذات أنظمة مرورية متقدمة
في أيرلندا، تشير الأرقام إلى أن 38% من الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية مرتبطة بالكحول. اللافت أن نسبة الاعتقالات بسبب القيادة تحت تأثير الكحول ارتفعت بنسبة 11% بين عامي 2016 و2017، ما يشير إلى تفاقم الظاهرة. أما في كندا، فتم تسجيل أن 34% من وفيات الطرق مرتبطة بالكحول، وهو ما يُظهر أن التحديات قائمة رغم القوانين الصارمة.
الولايات المتحدة: آلاف الضحايا سنويًا
في الولايات المتحدة الأمريكية، تُعد القيادة تحت تأثير الكحول من أخطر أسباب الحوادث المميتة. في عام 2022 وحده، توفي 13,524 شخصًا بسبب حوادث متعلقة بالكحول، ما يمثّل حوالي 31% من إجمالي الوفيات على الطرق، بحسب بيانات الإدارة الوطنية للسلامة المرورية (NHTSA).
أستراليا والاتحاد الأوروبي: تفاوت في النسب رغم الجهود
في أستراليا، تبلغ نسبة الوفيات المرورية المرتبطة بالكحول 30%. أما في الاتحاد الأوروبي، فتقدّر المفوضية الأوروبية أن 25% من إجمالي وفيات الطرق ناتجة عن القيادة تحت تأثير الكحول، رغم اختلاف القوانين بين الدول الأعضاء.
ألمانيا وروسيا والصين: نسب أقل ولكن الخطر قائم
تسجّل ألمانيا وروسيا نسبًا أقل مقارنة ببقية الدول، حيث تبلغ نسبة الوفيات المرتبطة بالكحول 9% في كلا البلدين، وفقًا لبيانات Statista. الصين بدورها تسجل نسبة 4% فقط، ما قد يعكس تشددًا أكبر في تطبيق القوانين أو ثقافة مجتمعية أكثر حذرًا، لكن ذلك لا يلغي وجود المشكلة.
فجوة تشريعية وثقافية
الفروقات الكبيرة بين هذه الأرقام تسلط الضوء على فجوة تشريعية وثقافية في التعامل مع القيادة تحت تأثير الكحول. ففي بعض الدول، لا تزال الثقافة السائدة تتساهل مع هذه المخالفة، فيما تتغاضى السلطات عن التطبيق الصارم للقانون.
الحاجة إلى تحرك عالمي
أمام هذه الأرقام، تبدو الحاجة ملحّة إلى تكثيف الجهود التوعوية، ورفع مستوى العقوبات، وتعزيز الرقابة المرورية، من أجل الحد من الخسائر البشرية الفادحة التي تسببها القيادة تحت تأثير الكحول. كما أن توحيد معايير التصنيف والإبلاغ عن هذه الحوادث بين الدول سيساهم في تقديم صورة أوضح عن حجم المشكلة عالميًا.